ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ
* ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ: } ﻭَﺳَﺎﺭِﻋُﻮﺍ
ﺇِﻟَﻰ ﻣَﻐْﻔِﺮَﺓٍ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻜُﻢْ ﻭَﺟَﻨَّﺔٍ ﻋَﺮْﺿُﻬَﺎ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮَﺍﺕُ ﻭَﺍﻷَﺭْﺽُ ﺃُﻋِﺪَّﺕْ
ﻟِﻠْﻤُﺘَّﻘِﻴﻦَ { .
- ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ: }ﺳَﺎﺑِﻘُﻮﺍ ﺇِﻟَﻰ
ﻣَﻐْﻔِﺮَﺓٍ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻜُﻢْ ﻭَﺟَﻨَّﺔٍ ﻋَﺮْﺿُﻬَﺎ ﻛَﻌَﺮْﺽِ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻭَﺍﻷَﺭْﺽِ ﺃُﻋِﺪَّﺕْ
ﻟِﻠَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺭُﺳُﻠِﻪِ ﺫَﻟِﻚَ ﻓَﻀْﻞُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻳُﺆْﺗِﻴﻪِ ﻣَﻦْ ﻳَﺸَﺎﺀُ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ
ﺫُﻭ ﺍﻟْﻔَﻀْﻞِ ﺍﻟْﻌَﻈِﻴﻢِ {.
* ﻭﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺘﻴﻦ ﻳﻠﺤﻆ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ :
- ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : } ﻭَﺳَﺎﺭِﻋُﻮﺍ { ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
ﻗﺎﻝ : }ﺳَﺎﺑِﻘُﻮﺍ .{
-ﻭﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: } ﻭَﺟَﻨَّﺔٍ ﻋَﺮْﺿُﻬَﺎ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮَﺍﺕُ
ﻭَﺍﻷَﺭْﺽُ { ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺎﻝ : } ﻭَﺟَﻨَّﺔٍ ﻋَﺮْﺿُﻬَﺎ ﻛَﻌَﺮْﺽِ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ
ﻭَﺍﻷَﺭْﺽِ .{
- ﻭﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : } ﺃُﻋِﺪَّﺕْ ﻟِﻠْﻤُﺘَّﻘِﻴﻦَ { ، ﻭﻓﻲ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺎﻝ }: ﺃُﻋِﺪَّﺕْ ﻟِﻠَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺭُﺳُﻠِﻪِ .{
- ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻵﻳﺘﻴﻦ ﺍﻗﺘﻀﺎﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺭﺩﺗﺎ ﻓﻴﻪ، ﺫﻟﻚ
ﺃﻥ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺗﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻟﻤﺘﻘﻴﻦ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺘﺘﻌﻠّﻖ
ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﻫﻲ ﻧﺘﺎﺝ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﺩﺭﺟﺎﺗﻪ
ﻭﺃﺭﻗﻰ ﺭﺗﺒﻪ، ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻣﺠﺮّﺩ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ؛ ﻷﻧّﻬﺎ ﺗﺘﻀﻤّﻨﻪ
ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻘّﻲ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ. ﻭﻗﺪ ﺑﻴّﻦ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺘّﻘﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻋﺪّﺕ ﻟﻬﻢ ﺟﻨﺔ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ
ﻓﻘﺎﻝ: } ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳُﻨْﻔِﻘُﻮﻥَ ﻓِﻲ ﺍﻟﺴَّﺮَّﺍﺀِ ﻭَﺍﻟﻀَّﺮَّﺍﺀِ ﻭَﺍﻟْﻜَﺎﻇِﻤِﻴﻦَ ﺍﻟْﻐَﻴْﻆَ
ﻭَﺍﻟْﻌَﺎﻓِﻴﻦَ ﻋَﻦْ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟْﻤُﺤْﺴِﻨِﻴﻦَ * ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺇِﺫَﺍ ﻓَﻌَﻠُﻮﺍ
ﻓَﺎﺣِﺸَﺔً ﺃَﻭْ ﻇَﻠَﻤُﻮﺍ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﺫَﻛَﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻓَﺎﺳْﺘَﻐْﻔَﺮُﻭﺍ ﻟِﺬُﻧُﻮﺑِﻬِﻢْ ﻭَﻣَﻦْ
ﻳَﻐْﻔِﺮُ ﺍﻟﺬُّﻧُﻮﺏَ ﺇِﻻَّ ﺍﻟﻠﻪ ﻭَﻟَﻢْ ﻳُﺼِﺮُّﻭﺍ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﻓَﻌَﻠُﻮﺍ ﻭَﻫُﻢْ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ .{
ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ .
- ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﺃﻋﻠﻰ ﺭﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻓﻘﺪ ﻟﺰﻡ ﺇﺫﻥ
ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘّﻘﻴﻦ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ . ﻭﺗﺘﺠﻠّﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﻓﻲ
ﺍﻵﻳﺘﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻴﻦ : ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ .
- ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ، ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻤﺘّﻘﻴﻦ ﺑﺪﻋﻮﺗﻬﻢ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺭﻋﺔ ( ﻭﺳﺎﺭﻋﻮﺍ ) ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﺪﻋﻮﺗﻬﻢ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ( ﻭﺳﺎﺑﻘﻮﺍ ).
- ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻫﻮ : ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘّﻘﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻭﺳﺒﺎﻕ، ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ
ﻳﺤﺜّﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺤﺼﻮﻟﻪ ﻣﻨﻬﻢ، ﺇﻧﻤﺎ ﺣﺜّﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻨﻪ ﻭﺣﻀّﻬﻢ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺣﺴﻦ ﻣﻨﻪ، ﻓﺤﺴﻦ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻃﺒﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺭﻋﺔ .
- ﻭﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ، ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺘﻘﺪّﻡ ﻓﻲ
ﺍﻟﺮﺗﺒﺔ، ﻭﺍﻻﺭﺗﻔﺎﻉ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎﻧﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﺣﺜّﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ، ﻓﺈﺫﺍ
ﺣﺼﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺷﻤﻠﻬﻢ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ .
- ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ، ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺮﺗﺐ . ﻓﻔﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻟﻤﺘّﻘﻴﻦ ﻗﺎﻝ : } ﻭَﺟَﻨَّﺔٍ ﻋَﺮْﺿُﻬَﺎ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮَﺍﺕُ
ﻭَﺍﻷَﺭْﺽُ { ، ﻭﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻌﺎﻣﺔ ﻗﺎﻝ :
} ﻭَﺟَﻨَّﺔٍ ﻋَﺮْﺿُﻬَﺎ ﻛَﻌَﺮْﺽِ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻭَﺍﻷَﺭْﺽِ .{
- ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻛﻮﻥ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠّﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺘّﻘﻴﻦ
ﻟﻢ ﺗﺮﺩ ﺑﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻮﻋﻮﺩ ﻻ
ﻳﻀﺎﻫﻰ ﻭﻻ ﻳﻤﺎﺛﻞ ﻭﻻ ﻳﺸﺎﺑﻪ . ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻔﻲ ﺍﻵﻳﺔ
ﺍﻷﻭﻟﻰ: ( ﻋَﺮْﺿُﻬَﺎ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮَﺍﺕُ ) ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ( ﻋَﺮْﺿُﻬَﺎ ﻛَﻌَﺮْﺽِ
ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ) ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺘﻀﻤّﻦ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨّﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺴﻌﺔ .
* ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﺗﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺄﻣﺮﻳﻦ:
- ﺍﻷﻭّﻝ، ﺃﻥّ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ . ﻓﺄﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺘﻘﻴﻦ
ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺛﻮﺍﺑﻬﻢ ﺃﻋﻈﻢ.
- ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﺃﻥّ ﺛﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺣﺎﺻﻞ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﺘّﻘﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﻗﺪّﻣﻮﺍ،
ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﺣﺜّﻬﻢ ﺍﻟﺤﻖّ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﺣﺴﻦ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ
ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ، ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺚّ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻣﻘﺘﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻮﻋﺪ
ﺑﺎﻷﻓﻀﻞ . ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ.